في أجواء يملؤها الرعب، تحتفل معظم دول العالم بعيد “الهالوين” أو عيد الرعب ليلة 31 أكتوبر من كل عام، والذي يُصادف عشية عيد القديسين، التي يتم استذكار الموتى والقديسين فيها، ويعتبر هذا هو الاحتفال الأصلي للهالوين.
ولكن يحتفل العالم الآن بعيد الرعب على طريقة النسخة الأمريكية، والتي تعد بعيدة كل البعد عن الجذور الأصلية والهدف الأساسي للعيد.
وخلال هذا العيد يتم التنكر في زي الهالوين، والتزيين، ونحت القرع ووضع فوانيس جاك، ومشاعل الإضاءة، وزيارة المعالم السياحية المسكونة، وقراءة القصص المخيفة ومشاهدة أفلام الرعب.
في أجزاء كثيرة من العالم، لا تزال تُمارس الاحتفالات الدينية المسيحية بما في ذلك حضور الطقوس الكنسية وإضاءة الشموع على قبور الموتى من الأقارب،على الرغم من أن العيد تحول في مناطق مختلفة من العالم إلى احتفال تجاري وعلماني، يمتنع بعض المسيحيين عن أكل اللحوم عشية جميع القديسين.
أصل “الهالوين”
يعود أصل “الهالوين” إلى مهرجان سمحين، وهو مهرجان ديني للكاثوليك في بريطانيا وأجزاء من أوروبا، كان الهدف منه بث الرعب في الأرواح الشريرة التي تظهر بعد نهاية الصيف.
واعتبرت الحضارة الغيلية في بريطانيا أن نهاية الصيف، هو الوقت الذي يتداخل فيه عالم الأموات بالعالم الحقيقي، الأمر الذي يدفع الأرواح للخروج ومشاركة بقية البشر حياتها.
وعرف هذا اليوم بإسم “أمسية كل الأشباح” أو “أول هالو إيف”، وتأتي في اليوم الذي يسبق يوم القديسين، في الأول من نوفمبر.
ولكن شهد عيد الهالوين انطلاقته الحقيقية في الولايات المتحدة، أحضر فكرته المهاجرون الإيرلنديون لأميركا الشمالية، في القرن التاسع عشر، وتطورت الفكرة عندما بدأ بعض الأطفال والمراهقين بارتداء أزياء مرعبة لإخافة سكان البيوت المجاورة، كنوع من الدعابة، ووصلت فكرة الاحتفال بالهالوين لكبار السن كذلك في العقود الأخيرة، حتى أصبح يوماً يحتفل فيه الأطفال والشبان بنفس الوقت، وبطرق مختلفة، في جميع أنحاء العالم.
طقوس الاحتفال بالهالوين
يعتبر يوم احتفال عالمي تغلق فيه المؤسسات والدوائر الرسمية أو الغربية أبوابها، وتزين الشوارع والبيوت في الولايات المتحدة باليقطين، وتحتفل به جميع الطوائف والأديان والثقافات هناك، وسبب الرداء الغريب الذي يرتديه الجميع في هذا العيد، حتى لا يتم التعرف عليهم من قبل الأرواح الشريرة.
تقول الحكاية بأن في ليلة العيد تعود كل الأرواح من عالم البرزخ إلى الأرض، وتبقى فيها حتى طلوع الفجر ويسود طقس في العيد يسمى “خدعة أم حلوى” بحيث ينتقل فيه الصغار من بيت إلى بيت آخر لجمع الحلوى في أكياس وسلال، ومن يعارض إعطاء الحلوى للأطفال تصيبه لعنة الأرواح الشريرة وغضبها.
وتنتشر السرقات الخفيفة في العيد كالقطع الخشبيّة والأبواب وغيرها، ليعتقد الناس بأن الأرواح الشريرة تنتشر في المكان وقد قامت بسرقتها، ويصادف احتفال الغرب بعيد الهالوين مع احتفالهم بقدوم الخريف، ليزيد من إثارة المشهد، وأن الأرواح قد جردت الأشجار من الأوراق.
وبالنسبة لاستخدام القرع ونحت وجوه عليه وإضافة الشمع له كانَ طقساً من طقوس الاحتفال بحلول الخريف عند كهنة بلاد الغال قديماً، وكان يطلق عليهم “الدرويديون”، بحيث يقيمون احتفالاً كبيراً بحلول الخريف يمتد من ليلة 31 من شهر أكتوبر، ويمتد إلى الأول من شهر نوفمبر.
وكانت الفكرة السائدة في احتفال الخريف بأن إله الموت العظيم “سامان” يدعوا جميع الأرواح التي قضت خلال العام بأن تمضي حياتها في أجساد الحيوانات بالنزول إلى الأرض والتجول بداخلها، مما يدفع البعض لإشعال نارٍ كبيرة لإخافة وإبعاد تلك الأرواح، ومن هنا انطلقت فكرة عيد الهالوين وأصبح عادة اعتاد الناس على الاحتفال بها، ولكن أسطورة هذا العيد والحكايا التي دارت حوله ما زال البعض يصدقها في البلاد النائية والبسيطة.
فانوس جاك
ويعد فانوس جاك أو اليقطين المضيء التقليد الأهم في عيد الهالوين الذي كان ينحت في الأساس من اللفت وليس من اليقطين، واستخدام فانوس جاك يعود إلى أسطورة “جاك البخيل”، وتقول الأسطورة أن خدع جاك البخيل لا يقف في وجهها الشيطان إذ لا يستطيع الشيطان من خلال هذه الخدع أن يأخذه إلى الجحيم، وكان يجب على جاك البخيل أن يجوب الأرض مصطحباً معه قطعة من الفحم داخل قطعة من اللفت لكي تضيء طريقه ومن هنا جاء استخدام فانوس جاك.

حلوى الهالوين
خلال يوم الهالوين يتم توزيع الحلوى على الأطفال المتنكرين، ومن لايعطي حلوى للأطفال فإن الأرواح الشريرة تغضب منه، وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإنفاق ملياري دولار على حلوى الهالوين في كل عام.

الملابس التنكرية
يعود استخدامها الأصلي إلى القرن التاسع عشر في اسكوتلندا، ظناً منهم أن التنكر يساعدهم على الاختفاء من الأرواح الشريرة حتى لا تتعرف عليهم.

ومؤخراً يستخدم بخاخ الخيوط الملونة «Silly String»، والذي يعتبر أحد التقاليد التي تستخدم في عيد الهالوين والذي يستمتع في اللعب فيه الكبار والصغار.
مظاهر الاحتفال في أمريكا
وتعتبر من أكثر الدول اهتماماً بالاحتفال بعيد الهالوين، وتُزيَّن البيوت والشوارع بالقرع المزخرفة والمضاءة والألعاب المرعبة والساخرة، ويتنكر الجميع من كبار وصغار.
يتنقل الأطفال من بيت لآخر لأخذ الحلوى، كما يقوم الناس بمشاهدة أفلام الرعب، فهو احتفال يجمع كل الثقافات المختلفة هناك.
كندا في يوم الهالوين
تتشابه كندا تتفق مع أغلب الدول في مظاهر الاحتفال، ولكن في كندا هناك طقوس مرتبطة بالطعام، حيث يأكلون التفاح المحلي بالسكر والذرة المحمصة، الفوشار وفطيرة القرع أو الخبز، هذا بخلاف التزيين والألوان والأضواء وقصص الرعب وغيرها.
مظاهر الاحتفال في المكسيك
تأخذ المكسيك عطلة رسمية في هذا اليوم، فهو يوم مقدّس، فيقوم المكسيكيون بوضع الشموع والزهور أمام المقابر إلى جانب صور أمواتهم.
ويصنعون حلوى تتشكل من جماجم السكر وأخرى مزينة بالألوان الزاهية، حتى أن الأطفال يستخدمون جملتهم الشهيرة في هذا اليوم «هل يمكنك أن تعطيني جمجمتي الصغيرة»؟.
احتفال النمسا في يوم الهالوين
لا تختلف مظاهر احتفال النمساويين كثيراً عن باقي الدول، حيث يقومون بإحياء بعض طقوس التراث الشعبي مثل إضاءة الفوانيس في المنازل من أجل الترحيب بأرواح الموتى، وقبل النوم يتركون طبقاً من الخبز والماء فربما يحتاج أحد الزائرين من الأرواح إلى تناول وجبة خفيفة.
الصين في عيد الرعب
يضع الصينيون الطعام والشراب أمام صور القتلى والأحباء من الأموات، وكذلك تضاء المشاعل والفوانيس في الطرقات لتتمكن تلك الأرواح من السير في أرض الوطن.
الاحتفال بالهالوين في اليابان
يرتدي اليابانيون الأزياء المفضلة لديهم، سواء كانت على شكل حيوان أو فاكهة أو شخصية خارقة من أبطال الأفلام الكرتونية، ثم يخرجون إلى الميادين العامة لشراء الحلوى والاستمتاع بالعطلة على طريقتهم.
مظاهر الاحتفال بعيد الرعب في الدول العربية
لا تختلف مظاهر الاحتفال بالهالوين في الدول العربية كثيراً عن الدول الغربية، ويسمى عيد “الهالوين” في دول الخليج بعيد “القرقيعان”، وذلك في نصف شعبان، ويتضمن القرقيعان تجول الأطفال لجمع الحلوى بالطرق على الأبواب.
وفي المغرب يقومون بارتداء جلود الحيوانات، والرقص على نغمات الطبول، وذلك في عيد “بوجلود” المقام بعد عدة أيام من عيد الأضحى.
بينما يحتفل المسيحيون بعيد البربارة في بلاد الشام، تيمّناً بالقديسة بربارة التي هربت من منزلها بعد تهديدها بالقتل لإعتناقها الديانة المسيحية، ويرتدي الأطفال في هذا العيد الأزياء التنكرية، ويقومون بجولة على المنازل لأخذ الحلوى، ويتم الاحتفال به في ديسمبر من كل عام.
أما الكبار فيلبسون الأردية مقلوبة، أو ترتدي الأم ثياب زوجها، والزوج ثياب امرأته أو لباس أبيه، ويسلقون القمح ويصنعون القطايف.
وفي الإمارات وخاصة دبي يتم تخصيص بعض الأماكن للاحتفال بهذ اليوم، وتشترط في بعض الفنادق ارتداء الزائرين للأزياء التنكرية، وتقديم الجوائز لأجمل أزياء مرعبة، بالإضافة إلى الموسيقى الصاخبة وبعد منتصف الليل وقرابة انتهاء الحفل يُنظّم مسير “الزومبي” بطول 5 كلم حول مركز دبي التجاري العالمي.
كما تقام حفلات مرعبة ببعض المطاعم التي تحول مكان الحفل إلى مقبرة متوهجة بالأضواء المخيفة بصحبة واستخدام “دي جي” لإثارة الرعب.
واحتفال الهالوين بالمملكة الأردنية الهاشمية له شكل آخر وهو المنع، وذلك بسبب ما جاء به من كوارث، حيث قررت المملكة عام 2014 منع إقامة عيد “الهالوين في العاصمة عمان، وذلك لتجنب تكرار أعمال العنف والشغب التي رافقته خلال السنوات الماضية، وتخللها أعمال شغب وتراشق بالحجارة وإحراق لبعض الممتلكات.
ويقام في السودان “عشاء الميتين” فيطوف الأولاد على بيوت الجيران وهم يرتدون ملابس التنكر ويهددونهم بالكوارث والمصائب إذا لم يطعموهم.
حقائق عن عيد “الهالوين”
1- يعتبر عيد الهالوين خليط من التقاليد المسيحية والوثنية
2- منعت ولاية “ألاباما” في الولايات المتحدة الأمريكية السكان من ارتداء الملابس والأقنعة المتنكرة المخيفة، وكذلك انتحال صفة الكاهن، الحاخام، أو الراهبة في هالوين.
3_ يرتبط عيد “الهالوين” في إيرلندا بكعكة الزبيب “Barm brack” بالإضافة إلى ارتباطه بالنقود والعيدان.
جلسة تصوير مرعبة تحضيراً للهالوين
جسدت طفلة تدعى “ريفال محمد” البالغة من العمر 8 سنوات شخصية مرعبة في فيلم الرعب الأجنبي “nun”، وأجرت جلسة تصوير في إحدى المناطق المهجورة والمظلمة في مصر.
تحرير: روان ديوب