يعتبر التكافؤ بين الزوجين واحد من المنطلقات الأساسية لزواج الصالونات والزواج التقليدية، وذلك أن الزواج المخطط مسبقاً يقوم على تحقيق التكافؤ الطبقي والاجتماعي والعلمي كوسيلة لتحقيق استقرار الأسرة على المدى الطويل.
لكن هناك الكثير من العوامل التي قد تجعل المقبلين على الزواج يهملون التكافؤ والتوازن بينهم، مثل قصص الحب أو الزيجات الانتهازية أو غيرها من الحالات.
معايير التكافؤ بين الزوجين
عادة ما يكون الزواج التقليدي أسهل في اختبار مدى التكافؤ بين الزوجين قبل الزواج، ذلك أن الزواج التقليدي يعني وجود خيارات عديدة ومفاضلة بين هذه الخيارات، وأمّا الزواج الناتج عن علاقة حب قد يفتقر إلى اختبار التكافؤ لأن الحب أعمى كما يقولون!، هذا لا ينفي طبعاً أن عدم التكافؤ بين الزوجين قد يكون قراراً مسبقاً في البحث عن زوجة، وهو ما نسميه استغلال عدم التكافؤ.
بعيداً عن نوع الزواج يمكن تحديد أهم مجالات التكافؤ بين الزوجين على الشكل التالي:
التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين
في معظم المجتمعات وخاصة الأكثر ترابطاً يعتبر التكافؤ الاجتماعي المعيار الأهم في اختيار شريك الحياة، يشمل التكافؤ الاجتماعي الطبقة الاجتماعية والاقتصادية والسمعة والصورة الاجتماعية العامة، وكلما صعدنا في الهرم الاجتماعي كلما وجدنا اهتماماً متزايداً بتحقيق التكافؤ.
وينتج عن الزواج غير المتكافئ اجتماعياً مجموعة من العقبات والآثار السلبية خاصة في مجالات التربية والعلاقات الاجتماعية العامة.
التكافؤ الصحي والجسدي بين الزوجين
حيث يتمتع الزوجان بمستوى صحي متكافئ أو متقارب على الأقل، هنا تكمن أهمية المصارحة في فترة ما قبل الزواج حول وجود أي عيوب أو مشاكل صحية مزمنة، بل أن البعض يحاول معرفة القصة المرضية لعائلة شريك المستقبل بشكل مسبق خوفاً من انتقال الأمراض الوراثية للأبناء.
ويميل البعض إلى وضع التكافؤ الجنسي بين الزوجين في نفس الخانة مع التكافؤ الصحي والجسدي، حيث يتمتع الزوجان بميول جنسية متكافئة أو متقاربة على الأقل، ولا يملك أحدهما ميلاً أو انجذاباً جنسياً مغايراً، إضافة إلى التكافؤ بالرغبة الجنسية والتناغم في العلاقة.
وعادة ما يشكّل عدم التكافؤ الجنسي بين الزوجين واحدة من العقبات الأكبر في العلاقة الزوجية، خاصة إذا كانت المشكلة تتعلق بوجود ميول شاذ أو انجذاب جنسي غريب أو تفاوت في الرغبة.
تكافؤ السن عند الزواج
يخضع فارق السن الأنسب بين الزوجين لمجموعة كبيرة من المعايير الاجتماعية والشخصية (راجع مقالنا عن فارق السن بين الزوجين(، فالتكافؤ هنا قد يكون خاضعاً إلى تلك المعايير أكثر من كونه تكافؤاً مطلقاً، كما أن الآثار السلبية والإيجابية لعدم تكافؤ السن بين الزوجين أكثر مرونة وتتعلق أكثر بشخصية الشريكين، ما عدا المشاكل الصحية وتفاوت الخبرات الحياتية الناتج عن الفارق الكبير بالسن بينهما، كما تبين الدراسات أن فارق العمر بين الزوجين يتحكم بعدد الأطفال وجنسهم وتكافؤ الخصوبة على مدى الزواج
التكافؤ بالمظهر الخارجي بين الزوجين
نسمع كثيراً عن تفضيل الأخلاق والنبل والحب على الشكل، لكن الحقيقة أن التكافؤ بالمظهر والشكل الخارجي بين الزوجين ليس أمراً تافهاً أو غير مهم، فمعظم الشعارات التي نطلقها قبل الزواج تضمحل خلال السنة الأولى أو الثانية بأحسن الأحوال، وتظهر بدلاً منها المعايير العملية التي يعتبر الشكل والمظهر جزءاً أساسياً منها.
والتكافؤ بالمظهر لا يعني أن يكونا متطابقين، بل أن يكون فارق الطول بينهما منطقياً مثلاً، وأن يكون كلاهما يتمتع بقدر متقارب من الوسامة، وأن يهتم كلا الزوجان بمظهرهما بمستوى متقارب، قلا يكون أحدهما شديد الأناقة –والأناقة لا علاقة لها بالجمال- والآخر شديد الإهمال لمظهره.
التكافؤ العلمي والثقافي بين الزوجين
أي أن يكون الزوجان في الدرجة العلمية نفسها بغض النظر عن الاختصاص أو النظرة الاجتماعية للاختصاص فالتكافؤ التعليمي بين الزوجين لا يعني أن يكونا طبيبين أو محاميين، بل يعني أن يكونا في نفس الدرجة تقريباً، أو أن يكون الشريك الذي لم يستطع الحصول على شهادة جامعية قد حصل على ما يغنيه عنها ويجعله مكافئاً لشريكه.
وتبدو أهمية التكافؤ العلمي بين الزوجين واضحة في العملية التربوية للأبناء كما تنعكس بشكل كبير على التكافؤ الوظيفي في حال كان كلاهما على رأس العمل.
من جهة أخرى فإن التكافؤ بالمستوى الثقافي والمعرفي لا يقل أهمية عن التكافؤ العلمي بين الزوجين بل يتخطاه، فنظرة الزوجين إلى الرومانسية مثلاً تخضع إلى ثقافة كل منهما ومصادر هذه الثقافة، ونظرتهما إلى القضايا العامة كذلك الأمر.
سلبيات الزواج الغير متكافئ
إن الآثار السلبية لغياب التكافؤ بين الزوجين لا يمكن تجاهلها أو تخطيها بسهولة، خاصة إذا كان عدم التكافؤ بين الزوجين في أكثر من مجال واحد، ولنكون منصفين في تغطية الآثار السلبية لعدم التكافؤ بين الزوجين سنتناول جميع وجوه عدم التكافؤ الزوجي بالتفصيل الممكن.
عدم التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين
إضافة إلى النظرة الاجتماعية التي قد تجرح الشريك الأدنى اجتماعياً؛ فإن عدم التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين له آثار كبيرة وجوهرية في التفضيلات الشخصية والعادات الخاصة واختيار السياق التربوي، كما أن التفاوت في المستوى الاجتماعي قد يكون مأخذاً يتم استغلاله في الشجار والخلاف بين الزوجين.
بعض الأسر والعائلات تتعمد أن تختار شريكاً للشاب أو الفتاة من مستوى أدنى اجتماعياً لأن التكافؤ من وجهة نظرهم يضعف السلطة الذكورية، وهذا ينطبق على معظم أوجه التكافؤ حيث يكون التفاوت خياراً مسبقاً هدفه الحفاظ على سلطة الرجل في بيته.
عدم التكافؤ الصحي والجسدي بين الزوجين
معظم دول العالم تحاول أن ترسخ ثقافة الفحوصات الطبية قبل الزواج، والتي تشمل الكشف عن الأمراض السارية المعدية وغير المعدية والعوامل الوراثية خاصة في زواج الأقارب، وعلى وجه العموم فإن عدم التكافؤ الصحي والجسدي قد يجعل أحد الزوجين ممرضاً للآخر، وقد يعيق أحدهما عن القيام بالواجبات الزوجية المختلفة من السرير وحتى تأمين الاحتياجات المنزلية وغيرها.