بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب على سورية باتت فيهم الأغنية السورية الأصيلة شبه غائبة بالكامل عن الساحة العربية ففي ظل غياب شركات الانتاج المحلية يضطر أغلب الفنانون السوريون لاسيما الشباب منهم للعمل بجهدهم الفردي الذي لا يصل للناس في اغلب الاحيان مما يجعلهم بعيدين عن دائرة الضوء والإعلام لفترات طويلة.
ولكن يحدث أن يخرج الضوء من عمق العتمة وأن تتفتح الورود من بين الأشواك فسورية عرفت منذ الأزل بأنها ولادة للمبدعين وخاصة في مجال الموسيقى والغناء وهذا ما أثبته ضيف موقع سكلوز في هذا اللقاء.
موسيقيٌ موهوب ذو حنجرة ملفتة للنظر غنى لكبار الفنانين كما غنى موسيقاه الخاصة وقدم عشرات الألحان لأهم مطربي الساحة الفنية العربية.
هو الفنان سامر اسماعيل الملقب بالشاب سامر كان لنا معه هذا اللقاء الذي تجاذبنا فيه الحديث حول صناعة الأغنية والمرحلة التي تمر بها حالياً في سورية مع اتفاقنا بالرأي أن تطوير الأغنية السورية يكون من خلال اخراجها من محيطها المحلي الضيق والعمل على تعريف الناس بها محلياً وعربياً في المهرجانات والبرامج الفنية على القنوات الفضائية لتسويقها ووضعها في دائرة الضوء وهذا ما نفتقده.
منذ أكثر من عشر سنوات استطاع خلالهم الشاب سامر أن يثبت نفسه كمغني وملحن ذو أهمية خاصة متحدياً كل الصعوبات التي تمر بها البلاد بشكل عام والفنان بشكل خاص وحين سؤالنا له عن بداياته وعن هذه الصعوبات أجابنا:
التحدي الأول الذي نجحت باجتيازه هو عدم الإحباط والإصرار الدائم على تحقيق الحلم مؤمناً بأن الفشل هو الخطوة الأولى في طريق النجاح.
كانت الصعوبات التي واجهتني في بداية مشواري الفني شبيها بأغلب الشباب في سورية فقد كنت بالخدمة الإلزامية لأكثر من تسعة سنوات وهذا شرف كبير لي أن أخدم وطني إلا أنني لم اقف مكتوف الأيدي بل قدمت أكثر من أغنية من ألحان وبصوتي لبلدي سورية وكان ذلك بمساعدة الأهل والأصدقاء وباجتهاد وتمويل شخصي في ظل غياب كامل للشركات الراعية للأغنية ومغنيين.
بعد أن أكملت خدمتي الإلزامية عدت إلى الوسط بشغف كبير فقدمت عدة الحان لمطربين مهمين في الساحة الفنية و باشرت بإحياء الحفلات بشكل دوري.
وفي محور جديد سئلنا الشاب سامر عن إذا ما كان قد شارك بأحد برامج المواهب التي انتشرت بكثرة في العقدين الماضيين وما رأيه بهذه التجارب فأجابنا:
نعم قدمت على أحد البرامج ونجحت في المرحلة الأولى لكن لم استطيع السفر إلى لبنان بسبب التزامي بخدمة العلم مع قناعتي الكبيرة بأن هذه التجارب تضفي للفنان الكثير وتضعه على أول الطريق لتعرّف الناس بموهبته فهي من التجارب الكبيرة في حياة أي فنان مازال في مرحلة التأسيس.
في الآونة الأخيرة تفرغ الشاب سامر للتلحين فقدم ألحان كثيرة لعدداً من نجوم الساحة الفنية مثل حسام جنيد ورويدا عطية وحازم الشريف وهادي أسود والكثير غيرهم مما دفعنا للسؤال حول إذا ما كان يجد نفسه بالتلحين أكثر من الغناء لكن جوابه لنا كان دبلوماسياً ذكياً حيث اخبرنا بأن الفن لا يتجزأ وبأن الموسيقى تُكمل بعضها وبأنه يستمتع بالتلحين كما يستمتع بالغناء ويقدم الاثنين من أجل إسعاد الناس.

وعن ما يخص الهوية الفنية التي التمسناها بمعظم الأعمال التي قدمها الشاب سامر سألنه عن ما إذا كان قد خطط لصنع هذه الهوية فأجاب:
من أهم أهدافي حين أعمل في التلحين هو أن أوصل إحساسي للناس ومثلي مثل كل الفنانين أعمل بجهد كي أستطيع أن اصنع بصمتي الخاصة وأكرس خبرتي الموسيقية وإحساسي فيها على أمل أنه بمجرد سماع الأغنية تعرف بأنها من ألحاني.
وباعتباره صانع للأغنية سألنه عن ما إذا كانت الأغنية السورية متأخرة اليوم عن نظيرها في الأغاني العربية الأخرى وعن مصيرها الحالي فأجابنا:
لفترات طويلة من الزمن كانت الأغنية السورية تدور العالم بأسره مع التأكيد بأن أول نوتة موسيقية ظهرت من هذه الأرض وهذه الحضارة السورية هي التي قدمت للكرة الأرضية أول نوتة موسيقية ولكن في الآونة الأخيرة بدأ الشارع السوري يستورد أنواع غريبة وهابطة من الأغاني التي لا تمت للأغنية السورية بصلة والمشكلة الحقيقية تكمن في أن الأجيال الجديدة تستقطب ما يقدم لها وبالطبع نحن بدورنا كشعراء وملحنين نحاول قدر الإمكان أن نحافظ على الجملة الموسيقية المتينة والكلمة الراقية علنا نستطيع الحفاظ على موروثنا الفني وأن نساهم في بناء أجيال تدرك الفن الجميل والصحيح من الفن الخطأ.
أما ما يخص الأغنية الشعبية السورية التي استطاعت أن تصل إلى جمهور واسع في الوطن العربي إلا أنها مازالت خجولة تُقدم بإمكانيات متواضعة سألنا الشاب سامر عما ينقص الأغنية الشعبية حتى تأخذ مكانتها التي تستحق فأجاب:
ينقصنا منتجين وأصحاب شركات يقدرون أهمية الموروث الشعبي ويمتلكون الثقة بفناني هذا النوع من الأغنية، فالأغنية الشعبية مثل أي نوع آخر من الفنون لها صدى كبير بين جمهور الوطن العربي ويجب الاهتمام والتكريس للفنانين الذين يحملون هوية الأغنية الشعبية السورية.
أما عن مشاريعه القادمة لعام 2023 فأخبرنا بأنه يعمل حالياً على تحضير أربعة أغاني بصوته كما قدم العديد من الألحان لأغلب نجوم الوطن العربي وبعضهم من الصفوف الأولى يتم الآن التحضير لها وستخرج إلى النور في القريب العاجل كما يجري التفاوض حالياً مع شركة مختصة بصناعة الأغنية لتوقيع عقد جديد معها.
الشاب سامر استطاع رغم كل الظروف القاسية التي تمر بها البلاد أن يصنع لنفسه مساحته الخاصة التي يقدم من خلالها الفرح بإحساس جميل وان يحقق نجاحاته على المستوى المحلي والعربي من خلال موهبته الملفتة للنظر.